فصل: (الْبَابُ السَّابِعُ فِي إقْرَارِ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.(الْبَابُ السَّابِعُ فِي إقْرَارِ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ):

رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَابْنًا، فَقَالَ الِابْنُ فِي كَلَامٍ مَوْصُولٍ: لِهَذَا عَلَى أَبِي أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِهَذَا أَلْفُ دِرْهَمٍ فَالْأَلْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَلَوْ أَقَرَّ لِلْأَوَّلِ وَسَكَتَ، ثُمَّ أَقَرَّ لِلثَّانِي فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ بِالْأَلْفِ، فَإِذَا دَفَعَ الْأَلْفَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءٍ لَمْ يَضْمَنْ لِلثَّانِي شَيْئًا وَإِنْ دَفَعَهَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ ضَمِنَ خَمْسَمِائَةٍ لِلثَّانِي، وَلَوْ قَالَ فِي كَلَامٍ مَوْصُولٍ: هَذَا الْأَلْفُ وَدِيعَةٌ لِهَذَا وَلِهَذَا الْآخَرِ عَلَى أَبِي أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ كَانَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ أَحَقَّ بِالْأَلْفِ، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَى أَبِي أَلْفُ دِرْهَمٍ وَهَذَا الْأَلْفُ وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ تَحَاصَّا فِيهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
لَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ هَذَا الْأَلْفُ الَّذِي تَرَكَهُ الْمَيِّتُ وَدِيعَةٌ لِي وَقَالَ الْآخَرُ لِي عَلَى أَبِيكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ، فَقَالَ الْوَارِثُ صَدَقْتُمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَصِحُّ الْإِقْرَارَانِ جَمِيعًا وَيَكُونُ الْأَلْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- بِأَنَّ الْأَلْفَ كُلَّهُ لِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ وَلَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ لِلثَّانِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَى أَبِيهِ أَلْفٌ دَيْنٌ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ بِقَضَاءٍ، ثُمَّ أَقَرَّ بِأَلْفٍ آخَرَ عَلَى أَبِيهِ لِآخَرَ لَمْ يَضْمَنْ لَهُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَلَوْ دَفَعَ أَلْفًا بِغَيْرِ قَضَاءٍ يَضْمَنُ لِلثَّانِي خَمْسَمِائَةٍ، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَى أَبِي أَلْفٌ لَا بَلْ لِفُلَانٍ فَدَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءٍ لَمْ يَضْمَنْ لِلثَّانِي شَيْئًا، وَبِغَيْرِ قَضَاءٍ ضَمِنَ لِلثَّانِي مِثْلَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ وَأَلْفَيْنِ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفًا، ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى أَبِيهِمَا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَادَّعَى أَيْضًا آخَرُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَقَرَّا جَمِيعًا لِأَحَدِهِمَا وَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ وَحْدَهُ وَكَانَ الْإِقْرَارَانِ مَعًا فَإِنَّ الَّذِي اتَّفَقَا عَلَيْهِ يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَمِائَةٍ وَيَأْخُذُ الْآخَرُ مِنْ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ، وَلَوْ لَمْ يَقْبِضَا مِنْهُمَا شَيْئًا حَتَّى غَابَ الَّذِي أَقَرَّا لَهُ جَمِيعًا وَجَاءَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْوَاحِدُ وَقَدَّمَهُ إلَى الْحَاكِمِ، فَقَالَ: لِي عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَقَدْ أَقَرَّ بِهِ هَذَا الْوَارِثُ لِي فَصَدَّقَهُ الِابْنُ وَأَخْبَرَ الْقَاضِيَ بِمَا أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ كُلِّهِ، فَإِنْ جَاءَ الْآخَرُ وَقَدَّمَ أَخَاهُ قُضِيَ لَهُ عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ الَّذِي فِي يَدَيْهِ كُلِّهِ، وَلَا يَرْجِعُ وَاحِدٌ مِنْ الْأَخَوَيْنِ عَلَى أَخِيهِ بِشَيْءٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الَّذِي أَقَرَّا لَهُ جَمِيعًا قَدَّمَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ وَحْدَهُ قُضِيَ لَهُ عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ الَّذِي فِي يَدَيْهِ، فَإِنْ جَاءَ الْآخَرُ وَقَدَّمَ أَخَاهُ قُضِيَ لَهُ عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ الَّذِي فِي يَدَيْهِ، وَلَا يَرْجِعُ وَاحِدٌ مِنْ الْأَخَوَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمِيرَاثُ دَنَانِيرَ أَوْ شَيْئًا مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ وَالدَّيْنُ مِثْلُهُ كَذَا فِي الْحَاوِي.
رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ عَبْدَيْنِ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ فَاقْتَسَمَا وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَبْدًا، ثُمَّ أَقَرَّا جَمِيعًا أَنَّ أَبَاهُمَا أَعْتَقَ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ بِعَيْنِهِ وَهُوَ الَّذِي فِي يَدِ الْأَصْغَرِ مِنْهُمَا فِي صِحَّتِهِ وَأَقَرَّ الْأَكْبَرُ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ الْعَبْدَ الَّذِي فِي يَدِهِ فِي صِحَّتِهِ وَجَمِيعُ ذَلِكَ مِنْهُمَا مَعًا فَهُمَا حُرَّانِ وَضَمِنَ الْأَكْبَرُ لِلْأَصْغَرِ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ الَّذِي فِي يَدِهِ، وَكَذَلِكَ الْإِقْرَارُ الْوَدِيعَةِ فِي الْعَبْدَيْنِ بِأَنْ أَقَرَّا بِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ أَنَّهُ وَدِيعَةُ فُلَانٍ وَأَقَرَّ الْآخَرُ بِمَا فِي يَدِهِ أَنَّهُ وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ فَهَذَا وَالْإِقْرَارُ بِالْعِتْقِ سَوَاءٌ.
وَلَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَاقْتَسَمَاهَا وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفًا، ثُمَّ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا لِرَجُلَيْنِ بِدَيْنٍ خَمْسِمِائَةٍ عَلَى أَبِيهِ وَقَضَى الْقَاضِي بِهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ أَقَرَّا جَمِيعًا أَنَّ عَلَى أَبِيهِمَا لِرَجُلٍ آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ دَيْنًا، فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا، وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ أَقَرَّ بِأَلْفٍ وَدَفَعَهُ بِقَضَاءِ قَاضٍ، ثُمَّ أَقَرَّا جَمِيعًا بِالْأَلْفِ الثَّانِي قُضِيَ بِالْأَلْفِ كُلِّهِ مِمَّا فِي يَدِ الْجَاحِدِ، وَالْمُقِرُّ الْأَوَّلُ لَا يَصِيرُ ضَامِنًا شَيْئًا، وَلَوْ كَانَا أَقَرَّا أَوَّلًا لِرَجُلٍ بِدَيْنٍ مِائَةِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا لِآخَرَ بِدَيْنٍ مِائَةِ دِرْهَمٍ فَالْمِائَةُ الْأُولَى عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ، فَإِنْ أَخَذَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِائَةً مِنْ أَحَدِهِمَا رَجَعَ عَلَى أَخِيهِ بِنِصْفِهَا، وَلَوْ بَدَأَ أَحَدُهُمَا فَأَقَرَّ لِرَجُلٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَقَرَّا بَعْدَ ذَلِكَ لِآخَرَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَالْأَوَّلُ يَأْخُذُ مِنْ الْمُقِرِّ مِائَةَ دِرْهَمٍ مِمَّا فِي يَدِهِ وَالْمِائَةُ الَّتِي هِيَ حَقُّ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ فِي مَالِهِمَا عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا، فَإِنْ أَخَذَ الْمِائَةَ مِنْ أَحَدِهِمَا رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ.
كَانَ الْإِقْرَارُ مِنْهُمَا جَمِيعًا مَعًا فَالْمِائَةُ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا أَحَدُهُمَا عَلَيْهِ فِي نَصِيبِهِ خَاصَّةً وَالْمِائَةُ الْأُخْرَى عَلَيْهِمَا عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
تَرَكَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَاقْتَسَمُوهَا فَادَّعَى أَجْنَبِيٌّ عَلَى أَبِيهِمْ بِثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَصَدَّقَهُ الْأَكْبَرُ فِيهَا وَالْأَوْسَطُ فِي الْأَلْفَيْنِ وَالْأَصْغَرُ فِي الْأَلْفِ يَأْخُذُ مِنْهُمْ أَلْفًا أَثْلَاثًا وَأَلْفًا مِنْ الْأَوْسَطِ وَالْأَكْبَرِ نِصْفَيْنِ وَمِنْ الْأَكْبَرِ مَا بَقِيَ فِي يَدَيْهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَأْخُذُ مِنْ الْأَكْبَرِ أَلْفَهُ وَمِنْ الْأَوْسَطِ أَلْفَهُ وَمِنْ الْأَصْغَرِ ثُلُثَ أَلْفِهِ هَذَا إذَا لَقِيَهُمْ جَمِيعًا وَأَمَّا إذَا لَقِيَهُمْ مُتَفَرِّقِينَ، فَإِنْ لَقِيَ الْأَصْغَرَ وَحْدَهُ أَوَّلًا يَأْخُذُ مِنْهُ الْأَلْفَ وَإِنْ لَقِيَ الْأَوْسَطَ بَعْدَهُ يَأْخُذُ مِنْهُ الْأَلْفَ الَّتِي فِي يَدِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَقِيَ الْأَكْبَرَ بَعْدَهُ يَأْخُذُ مِنْهُ مَا فِي يَدِهِ كُلَّهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْأَوْسَطَ وَالْأَصْغَرَ هَلْ يَرْجِعَانِ عَلَى الْمُقِرِّ لَهُ بِشَيْءٍ؟ قَالُوا: يَجِبُ أَنْ يَرْجِعَ الْأَصْغَرُ بِثُلُثَيْ الْأَلْفِ عَلَى الْمُقِرِّ لَهُ بِاتِّفَاقِهِمَا، فَأَمَّا الْأَوْسَطُ فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ عِنْدَ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِسُدُسِ الْأَلْفِ هَذَا إذَا لَقِيَ الْأَصْغَرَ أَوَّلَ، فَإِنْ لَقِيَ الْأَكْبَرَ أَوَّلًا يَأْخُذُ أَلْفَهُ، وَمِنْ الْأَوْسَطِ بَعْدَهُ يَأْخُذُ أَلْفَهُ وَمِنْ الْأَصْغَرِ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ إذَا كَانَ مُقِرًّا بِأَنَّ أَخَوَيْهِ أَقَرَّا لَهُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْأَلْفِ، فَإِنْ جَحَدَ الْأَصْغَرُ إقْرَارَهُمَا لَهُ بِالزِّيَادَةِ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا، ثُمَّ الْأَكْبَرُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَصْغَرِ بِشَيْءٍ، وَكَذَلِكَ الْأَوْسَطُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَرْجِعُ بِزِيَادَةِ سُدُسِ الْأَلْفِ وَيَرْجِعُ الْأَصْغَرُ عَلَى الْغَرِيمِ بِسُدُسِ الْأَلْفِ، فَإِنْ لَقِيَ الْأَوْسَطَ أَوَّلًا يَأْخُذُ أَلْفَهُ، فَإِنْ لَقِيَ الْأَصْغَرَ.
بَعْدَهُ فَكَمَا ذَكَرْنَا، أَرَادَ بِهِ إذَا جَحَدَ الْأَصْغَرُ إقْرَارَهُمَا، فَإِنْ لَقِيَ الْأَكْبَرَ بَعْدَهُ يَأْخُذُ أَلْفَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمَا وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى رَجُلٍ، فَقَالَ الْغَرِيمُ: قَدْ قَبَضَ الْمَيِّتُ مِنِّي خَمْسَمِائَةٍ حَالَ حَيَاتِهِ وَصَدَّقَهُ أَحَدُ الِابْنَيْنِ فِي ذَلِكَ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ، فَإِنَّ لِلْمُكَذِّبِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْغَرِيمِ الْخَمْسَمِائَةِ الْبَاقِيَةِ وَلَيْسَ لِلْمُصَدِّقِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْغَرِيمِ شَيْئًا، وَلَوْ ادَّعَى الْغَرِيمُ أَنَّ الْمَيِّتَ قَدْ قَبَضَ مِنْهُ جَمِيعَ الْأَلْفِ فَصَدَّقَهُ أَحَدُ الِابْنَيْنِ فِي ذَلِكَ وَكَذَّبَهُ الِابْنُ الْآخَرُ فَلِلْمُكَذِّبِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْغَرِيمِ خَمْسَمِائَةٍ وَلَيْسَ لِلْمُصَدِّقِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْغَرِيمِ بِشَيْءٍ وَلِلْغَرِيمِ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُكَذِّبَ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُ أَنَّ أَبَاكَ قَبَضَ مِنِّي جَمِيعَ الْأَلْفِ، فَإِنْ حَلَفَ الْجَاحِدُ وَأَخَذَ مِنْ الْغَرِيمِ خَمْسَمِائَةٍ وَتَرَكَ الْمَيِّتُ أَلْفَ دِرْهَمٍ أُخْرَى سِوَى هَذِهِ وَاقْتَسَمَ الِابْنَانِ تِلْكَ الْأَلْفَ بَيْنَهُمَا فَلِلْغَرِيمِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُصَدِّقِ وَيَأْخُذَ مِنْهُ الْخَمْسَمِائَةِ الَّتِي وَرِثَهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا مَاتَ وَتَرَكَ ابْنًا وَأَلْفَ دِرْهَمٍ فَادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَصَدَّقَهُ الِابْنُ وَدَفَعَ إلَيْهِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ آخَرُ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَكَذَّبَهُ الِابْنُ وَصَدَّقَهُ الْغَرِيمُ الْأَوَّلُ وَأَنْكَرَ الثَّانِي دَيْنَ الْغَرِيمِ الْأَوَّلِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى إنْكَارِهِ وَيَقْتَسِمَانِ الْأَلْفَ نِصْفَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْغَرِيمُ الثَّانِي لِغَرِيمٍ ثَالِثٍ، فَإِنَّ الْغَرِيمَ الثَّالِثَ يَأْخُذُ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي.

.(الْبَابُ الثَّامِنُ فِي الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْمُقِرِّ وَالْمُقَرِّ لَهُ):

رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ أَخَذْتُ مِنْك أَلْفًا وَدِيعَةً وَأَلْفًا غَصْبًا فَضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ وَهَذِهِ الْأَلْفُ غَصْبٌ، وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ لَا بَلْ هَلَكَ الْغَصْبُ وَبَقِيَتْ الْوَدِيعَةُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقَرِّ لَهُ، يَأْخُذُ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ وَيَغْرَمُ الْمُقِرُّ أَلْفًا أُخْرَى، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ لَا بَلْ غَصَبْتَنِي الْأَلْفَيْنِ كَانَ الْجَوَابُ كَذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ الْمُقِرُّ أَوْدَعْتَنِي أَلْفًا وَغَصَبْتُ مِنْكَ أَلْفًا فَهَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ وَبَقِيَ الْغَصْبُ، وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ لَا بَلْ هَلَكَ الْغَصْبُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقِرِّ يَأْخُذُ الْمُقَرُّ لَهُ الْأَلْفَ، وَلَا يَضْمَنُهُ شَيْئًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ أَخَذْتُ مِنْكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً فَهَلَكَتْ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ لَا بَلْ أَخَذْتَهَا غَصْبًا ضَمِنَ الْمُقَرُّ لَهُ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ وَهُوَ الْأَخْذُ، ثُمَّ ادَّعَى مَا يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ عَنْهُ وَهُوَ الْإِذْنُ بِالْأَخْذِ وَالْآخَرُ يُنْكِرُ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَوُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُقِرِّ بِإِقْرَارِهِ إلَّا أَنْ يَنْكُلَ الْخَصْمُ عَنْ الْيَمِينِ وَإِنْ قَالَ أَعْطَيْتَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً فَهَلَكَتْ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ بَلْ أَخَذْتَهُ غَصْبًا لَمْ يَضْمَنْ الْمُقِرُّ لِأَنَّهُ مَا أَقَرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ بَلْ أَقَرَّ بِالْإِعْطَاءِ وَهُوَ فِعْلُ الْمُقَرِّ لَهُ فَلَا يَكُونُ سَبَبُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُقِرِّ إلَّا أَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ سَبَبَ الضَّمَانِ وَهُوَ الْغَصْبُ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُنْكِرِ مَعَ الْيَمِينِ إلَّا أَنْ يَنْكُلَ الْمُقِرُّ عَنْ الْيَمِينِ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ الْمَالُ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا إلَى الْحِيرَةِ وَالْأُخْرَى إلَى الْقَادِسِيَّةِ وَهِيَ أَبْعَدُ مِنْ الْحِيرَةِ فَحَمَلَ عَلَيْهِمَا إلَى الْقَادِسِيَّةِ فَنَفَقَتْ إحْدَاهُمَا فِي الْقَادِسِيَّةِ، فَقَالَ الْمَالِكُ نَفَقَتْ الَّتِي اسْتَأْجَرْتَهَا إلَى الْحِيرَةِ وَعَلَيْكَ ضَمَانُهَا، وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لَا بَلْ نَفَقَتْ الَّتِي اسْتَأْجَرْتُهَا إلَى الْقَادِسِيَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ وَيَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ، كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ.
لَوْ قَالَ أَقْرَضْتُكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَخَذْتُهَا مِنْكَ يَجِبُ عَلَى الْمُقِرِّ دَفْعُهُ إلَيْهِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّهُ اقْتَضَى مِنْ رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ كَانَتْ لَهُ عَلَيْهِ وَقَبَضَهَا، فَقَالَ فُلَانٌ أَخَذْتَ مِنِّي هَذَا الْمَالَ، وَلَمْ يَكُنْ لَكَ عَلَيَّ شَيْءٌ وَرُدَّهُ عَلَيَّ، فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَرُدَّ الْمَالَ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا كَانَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْ فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ كَانَتْ وَدِيعَةً لَهُ عِنْدَهُ أَوْ هِبَةً وَهَبَهَا لَهُ، فَقَالَ بَلْ هِيَ مَالِي قَبَضْتَهُ مِنِّي فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ قَالَ قَبَضْتُ مِنْكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِوَكَالَةِ فُلَانٍ، وَقَدْ كَانَتْ لِفُلَانٍ عَلَيْكَ أَوْ قَالَ وَهَبْتَهَا لِفُلَانٍ فَأَمَرَنِي بِقَبْضِهَا فَقَبَضْتُهَا لَهُ وَدَفَعْتُهَا إلَيْهِ فَالْمُقِرُّ ضَامِنٌ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ أَسْكَنْتُ بَيْتِي فُلَانًا هَذَا، ثُمَّ أَخْرَجْتُهُ مِنْهُ وَدَفَعَهُ إلَيَّ وَادَّعَى السَّاكِنُ الْبَيْتَ أَنَّهُ لَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْبَيْتِ اسْتِحْسَانًا وَعَلَى السَّاكِنِ الْبَيِّنَةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى-: الْقَوْلُ قَوْلُ السَّاكِنِ وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّابَّةُ لِي أَعَرْتُهَا فُلَانًا، ثُمَّ قَبَضْتُهَا مِنْهُ أَوْ هَذَا الثَّوْبُ لِي أَعَرْتُهُ فُلَانًا، ثُمَّ قَبَضْتُهُ مِنْهُ.
وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّ فُلَانًا الْخَيَّاطَ خَاطَ قَمِيصَهُ هَذَا بِنِصْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَ مِنْهُ الْقَمِيصَ، وَقَالَ الْخَيَّاطُ هُوَ قَمِيصِي أَعَرْتُكَهُ فَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي الْأُولَى، وَكَذَلِكَ الثَّوْبُ سُلِّمَ إلَى الصَّبَّاغِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِنْ لَمْ يَقُلْ فِي مَسْأَلَةِ الْخَيَّاطِ وَغَيْرِهَا وَقَبَضْتُهُ مِنْهُ لَا يَرُدُّ اتِّفَاقًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ مَعْرُوفًا أَنَّهُ لِلْمُقِرِّ أَوْ الدَّابَّةُ أَوْ الدَّارُ، فَقَالَ أَعَرْتُهُ فُلَانًا وَقَبَضْتُهُ مِنْهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ قَالَ وَضَعْتُ ثَوْبِي فِي بَيْتِ فُلَانٍ، ثُمَّ أَخَذْتُهُ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
قَالَ الْخَيَّاطُ هَذَا الثَّوْبُ لِفُلَانٍ سَلَّمَهُ إلَيَّ فُلَانٌ فَادَّعَيَاهُ فَهُوَ لَلْمُقَرِّ لَهُ أَوَّلًا، وَلَا يَضْمَنُ لِلثَّانِي شَيْئًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَعِنْدَهُمَا ضَامِنٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ بِمَالٍ دَفَعَ إلَيْهِ فُلَانٌ وَهُوَ لِآخَرَ.
رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ أَخَذْتُ مِنْكَ هَذَا الثَّوْبَ عَارِيَّةً، وَقَالَ الْآخَرُ أَخَذْتَ مِنِّي بَيْعًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآخِذِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَلْبَسْهُ أَمَّا إذَا لَبِسَ وَهَلَكَ فَيَضْمَنُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ أَخَذْتُ مِنْكَ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ وَدِيعَةً، وَقَالَ الْآخَرُ أَخَذْتَهَا مِنِّي قَرْضًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَوْ قَالَ أَقْرَضْتَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الْآخَرُ غَصَبْتَنِي فَالْمُقِرُّ ضَامِنٌ لَهَا غَيْرَ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا فَلِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا، كَذَا فِي الْحَاوِي.
إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ أَعَرْتَنِي هَذِهِ الدَّابَّةَ الَّتِي فِي يَدَيَّ، وَقَالَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ مَا أَعَرْتُكَ وَلَكِنَّكَ غَصَبْتَهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَعِيرُ رَكِبَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَلَا ضَمَانَ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ قَدْ رَكِبَهَا فَهُوَ ضَامِنٌ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ دَفَعْتَهَا إلَيَّ عَارِيَّةً أَوْ أَعْطَيْتَهَا عَارِيَّةً فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- إنْ قَالَ أَخَذْتُهَا عَارِيَّةً مِنْكَ وَجَحَدَ الْآخَرُ فَهُوَ ضَامِنٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ قَدْ غَصَبْتُكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَرَبِحْتُ فِيهِ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ قَدْ أَمَرْتُكَ بِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، وَلَوْ قَالَ لَا بَلْ غَصَبْتَنِي عَشَرَةَ آلَافٍ كُلَّهَا الْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
قَالَ لِغَيْرِهِ هَذِهِ الْأَلْفُ وَدِيعَةٌ لَكَ عِنْدِي، وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ لَيْسَتْ بِوَدِيعَةٍ وَلِي عَلَيْكَ أَلْفٌ مِنْ قَرْضٍ أَوْ ثَمَنِ بَيْعٍ، ثُمَّ جَحَدَ الْمُقِرُّ الدَّيْنَ وَالْوَدِيعَةَ وَأَرَادَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْوَدِيعَةَ قَضَاءً عَنْ الدَّيْنِ الَّذِي يَدَّعِي لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ الْوَدِيعَةِ أَوَّلًا بَطَلَ بِالرَّدِّ، وَلَوْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ لَيْسَتْ بِوَدِيعَةٍ وَلَكِنِّي أَقْرَضْتُكَهَا بِعَيْنِهَا وَجَحَدَ الْمُقِرُّ الْقَرْضَ كَانَ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأَلْفَ بِعَيْنِهَا إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُقِرُّ فِي الْقَرْضِ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأَلْفَ بِعَيْنِهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ قَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ وَادَّعَى ثَمَنًا أَوْ قَالَ ثَمَنُ عَبْدٍ أَوْ ادَّعَى ثَمَنَ أَمَةٍ لَزِمَهُ، كَذَا فِي الْكَافِي.
إذَا قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ، فَقَالَ فُلَانٌ مَا كَانَ لِي عَلَيْهِ قَطُّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ لَكِنْ لِي عَلَيْهِ أَلْفٌ مِنْ قَرْضٍ كَانَ لَهُ الْأَلْفُ، وَلَوْ قَالَ مَا كَانَ لِي عَلَيْهِ قَطُّ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ وَسَكَتَ، ثُمَّ ادَّعَى الْأَلْفَ أَنَّهُ قَرْضٌ لَا يُصَدَّقُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ بَاعَنِيهِ إلَّا أَنَّنِي لَمْ أَقْبِضْهُ، فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَصَلَ أَمْ فَصَلَ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْجِهَةِ أَمْ كَذَّبَهُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى-: بِأَنَّهُ يُصَدَّقُ إذَا وَصَلَ، صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْجِهَةِ أَمْ كَذَّبَهُ، فَإِذَا فَصَلَ: إنْ كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْجِهَةِ بِأَنْ قَالَ لِي عَلَيْكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ قَرْضٍ، فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ الْمُقِرُّ فِي قَوْلِهِ لَمْ أَقْبِضْ وَيَلْزَمُهُ الْمَالُ عِنْدَهُمَا، وَأَمَّا إذَا صَدَّقَهُ فِي الْجِهَةِ بِأَنْ قَالَ لِي عَلَيْكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ بِعْتَهُ وَقَبَضْتَ مِنِّي وَالْمُقِرُّ يَقُولُ لَمْ أَقْبِضْ مَفْصُولًا عَنْ إقْرَارِهِ كَانَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَقُولُ أَوَّلًا: بِأَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ كَمَا لَوْ كَذَّبَهُ فِي الْجِهَةِ، ثُمَّ رَجَعَ، وَقَالَ: يُصَدَّقُ وَصَلَ أَمْ فَصَلَ وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ هَذَا الْعَبْدِ وَكَانَ الْعَبْدُ فِي يَدَيْ الْمُقِرِّ، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِيمَا أَقَرَّ لَزِمَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَإِنْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ هَذَا الْعَبْدُ عَبْدِي وَإِنَّمَا بِعْتُكَ عَبْدًا غَيْرَهُ وَأَخَذَ الْعَبْدَ مِنْهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ عَبْدُكَ وَإِنَّمَا بِعْتُكَ عَبْدًا غَيْرَهُ وَقَبَضْتَهُ وَلِي عَلَيْكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنُهُ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ هَذَا الْعَبْدِ الَّذِي هُوَ فِي يَدِ الْمُقَرِّ لَهُ، فَإِنْ أَقَرَّ الطَّالِبُ سَلَّمَهُ لَهُ وَآخَذَهُ بِالْمَالِ، وَإِنْ قَالَ: الْعَبْدُ عَبْدُكَ لَمْ أَبِعْكَهُ إنَّمَا بِعْتُكَ غَيْرَهُ فَالْمَالُ لَازِمٌ لَهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ عَبْدِي مَا بِعْتُكَ فَحُكْمُهُ أَنْ لَا يَلْزَمَ الْمُقِرَّ شَيْءٌ، هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ قَالَ: الْعَبْدُ عَبْدِي مَا بِعْتُهُ مِنْكَ إنَّمَا بِعْتُكَ غَيْرَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي آخِرِ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- قَالَ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا تَحَالَفَا بَطَل الْمَالُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي.
وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ ثَالِثٍ إنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَأَمْكَنَهُ تَسْلِيمُهُ لَزِمَهُ الْمَالُ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ قَالَ ابْتَعْتُ مِنْهُ شَيْئًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَّا أَنِّي لَمْ أَقْبِضْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَ عَبْدَهُ هَذَا مِنْ فُلَانٍ وَادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ وَحَبَسَهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ إذَا أَنْكَرَ الْمُقَرُّ لَهُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
رَجُلٌ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنُ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ يَلْزَمُهُ الْمَالُ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي السَّبَبِ إذَا كَذَّبَهُ الْمُدَّعِي فِي السَّبَبِ، وَصَلَ ذَلِكَ أَمْ فَصَلَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَكَذَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ الْقِمَارِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنْ صَدَّقَهُ الطَّالِبُ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَرَامٌ أَوْ رِبًا فَهُوَ لَازِمٌ لَهُ، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ زُورٌ أَوْ بَاطِلٌ إنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ لَزِمَهُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ أَوْ قَالَ أَقْرَضْتَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَالَ هِيَ زُيُوفٌ أَوْ نَبَهْرَجَةٌ أَوْ سَتُّوقَةٌ أَوْ رَصَاصٌ أَوْ قَالَ إلَّا أَنَّهَا زُيُوفٌ أَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ زُيُوفٌ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ، وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: جِيَادٌ لَزِمَهُ الْجِيَادُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَصَلَ أَمْ فَصَلَ، وَقَالَا: إنْ وَصَلَ صُدِّقَ، وَإِنْ فَصَلَ لَا يُصَدَّقُ، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ زُيُوفٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْبَيْعَ وَالْقَرْضَ قِيلَ: يُصَدَّقُ إجْمَاعًا إذَا وَصَلَ، وَقِيلَ: هُوَ عَلَى الْخِلَافِ أَيْضًا، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِذَا أَقَرَّ بِالْمَالِ غَصْبًا أَوْ وَدِيعَةً، وَقَالَ هِيَ نَبَهْرَجَةٌ أَوْ زُيُوفٌ صُدِّقَ وَصَلَ أَمْ فَصَلَ، وَلَوْ قَالَ فِي الْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ إلَّا أَنَّهَا سَتُّوقَةٌ أَوْ رَصَاصٌ، فَإِنْ قَالَ مَوْصُولًا صُدِّقَ، وَإِنْ قَالَ مَفْصُولًا لَمْ يُصَدَّقْ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِنْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ أَوْ قَالَ أَقْرَضَنِي فُلَانٌ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ أَوْدَعَنِي أَوْ قَالَ غَصَبْتُ أَلْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَالَ إلَّا أَنَّهُ يَنْقُصُ كَذَا صُدِّقَ إنْ وَصَلَ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ كَانَ الْفَصْلُ لِضَرُورَةِ انْقِطَاعِ النَّفَسِ فَهُوَ وَصْلٌ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَبِهِ يُفْتَى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
رَجُلٌ قَالَ قَدْ قَبَضْتُ مِنْ فُلَانٍ أَلْفًا، ثُمَّ قَالَ هِيَ زُيُوفٌ يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَلَوْ قَالَ هِيَ سَتُّوقَةٌ لَا يُقْبَلُ، وَإِنْ مَاتَ الْمُقِرُّ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ شَيْئًا، فَقَالَ وَارِثُهُ هِيَ زُيُوفٌ لَا يُصَدَّقُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي الْمُضَارَبَةِ وَالْغَصْبِ إذَا مَاتَ الْمُقِرُّ، فَقَالَ وَرَثَتُهُ: هِيَ زُيُوفٌ لَا يُصَدَّقُونَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْوَدِيعَةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
أَقَرَّ بِقَبْضِ خَمْسِمِائَةٍ عَلَى الشَّرِكَةِ، وَقَالَ هِيَ زُيُوفٌ صُدِّقَ وَصَلَ أَمْ فَصَلَ وَلِلشَّرِيكِ نِصْفُهُ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمَطْلُوبَ بِالْجِيَادِ، فَإِنْ قَالَ مَفْصُولًا هِيَ رَصَاصٌ لَمْ يُصَدَّقْ وَلِلشَّرِيكِ نِصْفُهَا جِيَادًا، وَلَوْ قَالَ مَوْصُولًا لَا يُصَدَّقُ، وَلَا شَيْءَ لِلشَّرِيكِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَفِي دَعْوَى الزِّيَافَةِ إذَا كَانَ قَالَ قَبَضْتُ حَقِّي فَلِلشَّرِيكِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ نِصْفَ الْجِيَادِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ مِنْ ثَمَنِ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ، ثُمَّ قَالَ هُوَ رَدِيءٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ وَصَلَ أَمْ فَصَلَ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْمَوْزُونَاتِ وَالْمَكِيلَاتِ عَلَى هَذَا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِكُرِّ حِنْطَةٍ غَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ، ثُمَّ قَالَ هُوَ رَدِيءٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَتَى بِطَعَامٍ قَدْ أَصَابَهُ الْمَاءُ وَعَفِنَ، فَقَالَ هَذَا الَّذِي غَصَبْتُهُ أَوْ أَوْدَعْتُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ اسْتَوْدَعَنِي عَبْدًا، ثُمَّ جَاءَ بِعَبْدٍ مَعِيبٍ، فَقَالَ هُوَ هَذَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ أَقَرَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ عَشَرَةُ أَفْلُسٍ مِنْ قَرْضٍ أَوْ ثَمَنِ مَبِيعٍ، ثُمَّ قَالَ هِيَ مِنْ الْفُلُوسِ الْكَاسِدَةِ لَمْ يُصَدَّقْ، وَكَذَلِكَ إنْ وَصَلَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى-: يُصَدَّقُ فِي الْقَرْضِ إذَا وَصَلَ وَعَلَيْهِ مَا قَالَ، وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ فَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- الْأَوَّلِ لَا يُصَدَّقُ وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يُصَدَّقُ إذَا وَصَلَ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْمَبِيعِ، وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُ عَشَرَةَ أَفْلُسٍ، ثُمَّ قَالَ هِيَ مِنْ الْفُلُوسِ الْكَاسِدَةِ كَانَ مُصَدَّقًا، وَكَذَلِكَ الْوَدِيعَةُ، كَذَا فِي الْحَاوِي.
إذَا أَقَرَّ بِقَبْضِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا زُيُوفٌ إنْ كَانَ أَقَرَّ بِقَبْضِ الْجِيَادِ أَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ حَقِّهِ أَوْ بِاسْتِيفَاءِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ بِاسْتِيفَاءِ الدَّرَاهِمِ أَوْ بِقَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنَّهَا كَانَتْ زُيُوفًا، وَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بِقَبْضِ الدَّرَاهِمِ فَقَوْلُهُ مَقْبُولٌ فِي دَعْوَى الزِّيَافَةِ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَمَنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الدَّيْنِ وَكَذَّبَهُ فِي التَّأْجِيلِ لَزِمَهُ الدَّيْنُ حَالًّا وَيُسْتَحْلَفُ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى الْأَجَلِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةُ مَثَاقِيلَ فِضَّةً، ثُمَّ قَالَ هِيَ سَوْدَاءُ، أَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَالَ: هِيَ مِنْ ضَرْبِ كَذَا لِنَوْعٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ قَالَ مِنْ نَقْدِ بَلَدِ كَذَا إنْ قَالَ عَلَيَّ مِنْ غَصْبٍ، فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَصَلَ أَمْ فَصَلَ، وَلَوْ قَالَ مِنْ قَرْضٍ أَوْ ثَمَنِ بَيْعٍ إنْ كَانَ مَا سُمِّيَ نَقْدَ الْبَلَدِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُصَدَّقًا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ نَقْدَ الْبَلَدِ إنْ فَصَلَ لَا يُصَدَّقُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ وَصَلَ ذُكِرَ أَنَّهُ يُصَدَّقُ، وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا.
مِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى-، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فَلَا يُصَدَّقُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ قَوْلُهُمْ جَمِيعًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ قَالَ أَسْلَمْتَ إلَيَّ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ، وَقَالَ لَمْ أَقْبِضْهَا، وَقَالَ رَبُّ السَّلَمِ لَا بَلْ قَبَضْتَهَا إنْ قَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ ذَلِكَ مَوْصُولًا صُدِّقَ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِنْ فَصَلَ، فِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يُصَدَّقُ وَيَلْزَمُهُ الْمُسْلَمُ فِيهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عِنْدِي وَدِيعَةٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ قَرْضًا، ثُمَّ قَالَ لَمْ أَقْبِضْهُ ضَمِنَهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
لَوْ قَالَ أَعْطَيْتَنِي أَلْفًا أَوْ أَقْرَضْتَنِي أَلْفًا أَوْ أَسْلَفْتَنِي أَلْفًا، ثُمَّ قَالَ لَمْ أَقْبِضْ إنْ كَانَ ذَلِكَ مَوْصُولًا صُدِّقَ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ مَفْصُولًا لَا يُصَدَّقُ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ قَالَ نَقَدْتَنِي أَلْفًا أَوْ قَالَ دَفَعْتَ إلَيَّ أَلْفًا، وَقَالَ لَمْ أَقْبِضْهُ لَا يُصَدَّقُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَقَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يُصَدَّقُ إذَا وَصَلَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا قَالَ أَقْرَضْتَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَلَمْ تَدْفَعْهَا إلَيَّ، وَقَالَ ذَلِكَ مَفْصُولًا لَا يُصَدَّقُ وَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ كَانَ كَلَامُهُ مَوْصُولًا فَالْقَوْلُ لَهُ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ أَعْطَيْتَنِي أَوْ أَسْلَفْتَنِي لَكِنْ لَمْ تَدْفَعْ إلَيَّ وَوَصَلَ كَلَامُهُ، وَلَوْ قَالَ دَفَعْتَ إلَيَّ أَلْفًا أَوْ نَقَدْتَنِي أَلْفًا فَلَمْ أَقْبَلْهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَا يُصَدَّقُ هُوَ ضَامِنٌ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- الْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ قَبَضْتُ مِنْكَ أَلْفًا أَوْ أَخَذْتُ مِنْكَ أَلْفًا لَكِنْ لَمْ تَدَعْنِي حَتَّى أَذْهَبَ بِهِ لَا يُصَدَّقُ وَهُوَ ضَامِنٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ عَدَدًا، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ هِيَ وَزْنُ خَمْسَةٍ أَوْ سِتَّةٍ وَكَانَ الْإِقْرَارُ مِنْهُ بِالْكُوفَةِ فَعَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَزْنُ سَبْعَةٍ، وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى النُّقْصَانِ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ الْوَزْنَ مَوْصُولًا بِكَلَامِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ ثُمَّ إذَا ذَكَرَ ذَلِكَ مَفْصُولًا وَكَانَ وَزْنُ دَرَاهِمَ بَلَدِهِمْ سَبْعَةً حَتَّى لَمْ يَصِحَّ بَيَانُهُ يَلْزَمُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ بِوَزْنِ سَبْعَةٍ بِاعْتِبَارِ الْوَزْنِ لَا بِاعْتِبَارِ الْعَدَدِ حَتَّى إذَا كَانَ وَزْنُهَا مِائَةً بِوَزْنِ سَبْعَةٍ وَلَكِنَّ عَدَدًا خَمْسُونَ يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ يَتَبَايَعُونَ عَلَى دَرَاهِمَ مَعْرُوفَةٍ وَالْوَزْنُ بَيْنَهُمْ يَنْقُصُ مِنْ وَزْنِ سَبْعَةٍ صُدِّقَ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ ادَّعَى وَزْنًا دُونَ الْمُتَعَارَفِ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا إذَا ذَكَرَهُ مَوْصُولًا بِكَلَامِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ، فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ مِنْهَا نَقْدًا بِعَيْنِهِ يَنْصَرِفُ مُطْلَقُ الْإِقْرَارِ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَعْضُ غَالِبًا عَلَى الْبَعْضِ يَنْصَرِفُ إقْرَارُهُ عَلَى أَقَلِّ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ بِالْكُوفَةِ لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ بِيضٍ عَدَدًا، ثُمَّ قَالَ هِيَ تَنْقُصُ دَانَقًا لَمْ يُصَدَّقْ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ اسبهدية عَدَدًا، ثُمَّ قَالَ عَنَيْتُ هَذِهِ الصِّغَارَ فَعَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَزْنُ سَبْعَةٍ مِنْ الاسبهدية، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

.(الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْإِقْرَارِ بِأَخْذِ الشَّيْءِ مِنْ مَكَان):

لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ ثَوْبًا مِنْ دَارٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فَادَّعَى الشَّرِيكُ نِصْفَ الثَّوْبِ وَأَنْكَرَ الْمُقِرُّ فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ، وَلَوْ كَانَ مُسْتَأْجِرًا أَوْ مُسْتَعِيرًا فِيهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ قَالَ قَدْ قَبَضْتُ مِنْ بَيْتِ فُلَانٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَالَ هِيَ لِي أَوْ هِيَ لِفُلَانٍ آخَرَ، فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالْمِائَةِ لِصَاحِبِ الْبَيْتِ وَيَغْرَمُ الْمُقِرُّ مِثْلَهَا لِلَّذِي أَقَرَّ أَنَّهَا لَهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ قَبَضْتُ مِنْ صُنْدُوقِ فُلَانٍ أَوْ كِيسِ فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ مِنْ سَفَطِ فُلَانٍ ثَوْبًا أَوْ مِنْ قِرْبَةِ فُلَانٍ كُرَّ حِنْطَةٍ أَوْ مِنْ نَخِيلِ فُلَانٍ كُرَّ تَمْرٍ أَوْ مِنْ زَرْعِ فُلَانٍ كُرَّ حِنْطَةٍ كُلُّ ذَلِكَ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِهِ بِالْقَبْضِ مِنْ يَدِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَالَ قَبَضْتُ مِنْ أَرْضِ فُلَانٍ عِدْلًا مِنْ زُطِّيٍّ، وَقَالَ إنَّمَا مَرَرْتُ فِيهَا مَارًّا فَنَزَلْتُهَا وَمَعِي أَحْمَالٌ مِنْ زطي، فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالزُّطِّيِّ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ مَارًّا فِيهَا، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ فِيهِ طَرِيقٌ مَعْرُوفٌ لِلْعَامَّةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ سَرْجًا كَانَ عَلَى دَابَّةِ فُلَانٍ أَوْ لِجَامًا أَوْ حَبْلًا وَادَّعَى ذَلِكَ رَبُّ الدَّابَّةِ قُضِيَ لَهُ بِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَخَذْتُ حِنْطَةً كَانَتْ عَلَى دَابَّتِهِ أَوْ طَعَامًا كَانَ فِي جَوَالِقِ فُلَانٍ قُضِيَ لَهُ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ بِطَانَةَ جُبَّتِهِ أَوْ سِتْرَ بَابِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ ثِيَابًا مِنْ حَمَّامِ فُلَانٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْمَسْجِدُ الْجَامِعُ وَالْخَانُ وَالْأَرْضُ يَنْزِلُهَا النَّاسُ وَيَضَعُونَ فِيهَا الْأَمْتِعَةَ وَكُلُّ مَوْضِعٍ يَكُونُ لِلْعَامَّةِ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ ثَوْبًا مِنْ طَرِيقِ فُلَانٍ أَوْ فِنَاءِ فُلَانٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ أَجِيرِ فُلَانٍ، فَإِنَّهُ لِلْأَجِيرِ دُونَ الْأُسْتَاذِ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَضَعَ ثَوْبَهُ فِي بَيْتِ فُلَانٍ، ثُمَّ أَخَذَهُ لَمْ يَضْمَنْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَإِنْ ادَّعَاهُ رَبُّ الْبَيْتِ، وَيَضْمَنُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَلَوْ قَالَ أَخَذْتُ مِنْ دَارِ فُلَانٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَالَ كُنْتُ فِيهَا سَاكِنًا أَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيَّ بِإِجَارَةٍ لَا يُصَدَّقُ، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ كَانَتْ فِي يَدِهِ بِإِجَارَةٍ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ احْتَفَرَ أَرْضَ فُلَانٍ وَاسْتَخْرَجَ مِنْهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ فَادَّعَاهَا صَاحِبُ الْأَرْضِ، وَقَالَ الْمُسْتَخْرِجُ هِيَ لِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْأَرْضِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَتَى أَرْضَ فُلَانٍ وَاحْتَفَرَ فِيهَا وَاسْتَخْرَجَ مِنْهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَزْنَ سَبْعَةٍ وَادَّعَاهَا رَبُّ الْأَرْضِ وَجَحَدَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الْفِعْلَ أَوْ أَقَرَّ بِالْفِعْلِ وَادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ فَهِيَ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَ أَنَّهُ أَخَذَ كَذَا مِنْ دَارِهِ أَوْ مَنْزِلِهِ أَوْ حَانُوتِهِ أَوْ دُهْنًا مِنْ قَارُورَتِهِ أَوْ سَمْنًا مِنْ زِقِّهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِذَلِكَ كُلِّهِ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ رَكِبَ دَابَّةَ فُلَانٍ فَأَخَذَهَا فُلَانٌ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهَا حَتَّى يَرُدَّهَا، وَتَأْوِيلُهُ عِنْدِي إذَا أَقَرَّ بِالرُّكُوبِ وَالنَّقْلِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

.(الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْخِيَارِ وَالِاسْتِثْنَاءِ وَالرُّجُوعِ):

إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنَّ الْمَالَ يَلْزَمُهُ وَالْخِيَارُ بَاطِلٌ صَدَّقَهُ الطَّالِبُ فِي الْخِيَارِ أَوْ كَذَّبَهُ هَذَا إذَا شَرَطَ الْمُقِرُّ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ، فَأَمَّا إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ لِلْمُقَرِّ لَهُ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- هَذَا الْفَصْلَ فِي الْأَصْلِ قَالُوا وَيَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ لَهُ الْخِيَارُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِدَيْنٍ مِنْ قَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ قَائِمَةٍ أَوْ مُسْتَهْلَكَةٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَالْإِقْرَارُ جَائِزٌ وَالْخِيَارُ بَاطِلٌ صَدَّقَهُ صَاحِبُهُ أَوْ كَذَّبَهُ، وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مِنْ ثَمَنِ بَيْعٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ هُنَاكَ يَثْبُتُ الْخِيَارُ إذَا صَدَّقَهُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ صَاحِبُهُ لَمْ يَثْبُتْ الْخِيَارُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ مِنْ جَانِبِ الْمُقَرِّ لَهُ فَالْمُقَرُّ لَهُ إذَا لَمْ يُصَدِّقْ الْمُقِرَّ فِي الْخِيَارِ لَا يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْخِيَارِ فَأَرَادَ هُوَ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى الْخِيَارِ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- هَذَا الْفَصْلَ فِي الْأَصْلِ قَالُوا: وَيَجِبُ أَنْ لَا تُسْمَعَ بَيِّنَتُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا أَقَرَّ بِالدَّيْنِ مِنْ كَفَالَةٍ عَلَى اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ مُدَّةً مَعْلُومَةً طَوِيلَةً أَوْ قَصِيرَةً وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَهُوَ كَمَا قَالَ وَالْخِيَارُ لَهُ إلَى آخِرِ الْمُدَّةِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْخِيَارِ لَزِمَهُ الْمَالُ، وَلَمْ يُصَدَّقْ عَلَى شَرْطِ الْخِيَارِ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.
اسْتِثْنَاءُ الْكُلِّ مِنْ الْكُلِّ بَاطِلٌ وَاسْتِثْنَاءُ الْقَلِيلِ مِنْ الْكَثِيرِ صَحِيحٌ بِلَا خِلَافٍ وَاسْتِثْنَاءُ الْكَثِيرِ مِنْ الْقَلِيلِ صَحِيحٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَاسْتِثْنَاءُ خِلَافِ الْجِنْسِ لَا يَجُوزُ قِيَاسًا وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- إنْ كَانَ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مُوَافَقَةٌ فِي الْوُجُوبِ فِي الذِّمَّةِ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ بِأَنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَجِبُ فِي عُقُودِ التِّجَارَاتِ فِي الذِّمَّةِ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ حَتَّى لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا دِينَارًا أَوْ قَالَ إلَّا كُرَّ حِنْطَةٍ أَوْ إلَّا عَشَرَةَ أَفْلُسٍ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ جَائِزًا وَيُطْرَحُ قَدْرُ قِيمَةِ الْمُسْتَثْنَى مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ فِي الْوُجُوبِ فِي الذِّمَّةِ فِي عُقُودِ التِّجَارَاتِ بِأَنْ كَانَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ فِي عُقُودِ التِّجَارَاتِ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا وَالْمُسْتَثْنَى لَا يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ فِي عُقُودِ التِّجَارَاتِ أَصْلًا أَوْ كَانَ يَجِبُ مُؤَجَّلًا لَا حَالًّا لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ حَتَّى لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا ثَوْبًا أَوْ قَالَ إلَّا حَيَوَانًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ إلَّا قِيرَاطًا كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْأَخِيرِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- إذَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَاسْتَثْنَى غَيْرَهُ مِنْ صِنْفِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ فَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ أَقَرَّ بِمَالَيْنِ وَاسْتَثْنَى شَيْئًا، وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْ أَيِّ الْمَالَيْنِ، فَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْمَالَيْنِ وَاحِدًا كَمَا إذَا قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَمِائَةُ دِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا فَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُصْرَفُ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى الْمَالِ الْأَوَّلِ إذَا كَانَ الْمُسْتَثْنَى مِنْ جِنْسِ الْمَالِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ رَجُلَيْنِ فَالِاسْتِثْنَاءُ يُصْرَفُ إلَى الْمَالِ الثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْ جِنْسِ الْمَالِ الثَّانِي كَمَا إذَا قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِفُلَانٍ آخَرَ عَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِفُلَانٍ مِائَةُ دِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا مِنْ الْأَلْفِ كَانَ كَمَا قَالَ، كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا مِائَةً أَوْ خَمْسِينَ ذُكِرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّ عَلَيْهِ تِسْعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ قَالُوا وَهُوَ الْأَصَحُّ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَمِائَةُ دِينَارٍ إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةَ دَنَانِيرَ، فَإِنَّمَا عَلَيْهِ تِسْعُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَتِسْعُونَ دِينَارًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ فِي كِتَابِ الِاخْتِلَافِ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ لَكَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا خَمْسَمِائَةٍ وَخَمْسَمِائَةٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ جَمِيعُ الْأَلْفِ، وَلَوْ قَالَ لَكَ عَلَيَّ خَمْسُمِائَةٍ وَخَمْسُمِائَةٍ إلَّا خَمْسَمِائَةٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ جَائِزٌ وَعَلَيْهِ خَمْسُمِائَةٍ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الخمسمائتين جَمِيعًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي رَجُلٍ قَالَ لِغَيْرِهِ لَكَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَضَحَ إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ نَبَهْرَجَةً إنَّ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُنْظَرُ كَمْ يَسْتَوِي النَّبَهْرَجَةُ بِالدَّنَانِيرِ، فَإِنْ كَانَ يَسْتَوِي كُلُّ مِائَةٍ مِنْهَا أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ يُنْظَرُ كَمْ يَسْتَوِي الْأَرْبَعَةُ الدَّنَانِيرُ بِالْوَضَحِ، فَإِنْ كَانَ يَسْتَوِي ثَمَانِينَ فَعَلَيْهِ تِسْعُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ وَضَحًا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَأَمَّا فِي قَوْلِي فَيَلْزَمُهُ الْأَلْفُ الْوَضَحُ كُلُّهَا، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ غَلَّةً إلَّا مِائَةَ وَضَحٍ فَعَلَيْهِ تِسْعُمِائَةِ غَلَّةٍ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةَ دَنَانِيرَ إلَّا قِيرَاطًا فَالْمُسْتَثْنَى مِائَةٌ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ غَيْرَ قِيرَاطٍ فَيُطْرَحُ ذَلِكَ مِنْ الدَّنَانِيرِ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَمِائَتَا دِينَارٍ إلَّا أَلْفَ دِرْهَمٍ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلًا، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ وَكُرُّ شَعِيرٍ إلَّا كُرَّ حِنْطَةٍ وَقَفِيزَ شَعِيرٍ فَاسْتِثْنَاءُ قَفِيزِ الشَّعِيرِ جَائِزٌ، وَاسْتِثْنَاءُ كُرِّ الْحِنْطَةِ بَاطِلٌ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَلْزَمُهُ الْكُرَّانِ، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِفُلَانٍ مِائَتَا دِينَارٍ إلَّا أَلْفَ دِرْهَمٍ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ جَائِزًا مِنْ الْمَالِ الْأَخِيرِ، كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةٌ يَا فُلَانُ إلَّا دِرْهَمًا فَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ كَانَ الْمُنَادَى بِهِ هُوَ الْمُقَرُّ لَهُ صَحَّ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ يَتَوَجَّهُ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ الْمُقَرِّ لَهُ لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ، هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ، كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَكَذَلِكَ إذَا ذَكَرَ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ تَهْلِيلًا أَوْ تَكْبِيرًا أَوْ تَسْبِيحًا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَاشْهَدُوا عَلَيَّ بِذَلِكَ إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ قَضَيْتُهَا إيَّاهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ وَكَانَتْ عَلَيْهِ الْأَلْفُ كُلُّهَا، وَلَوْ قَالَ إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَقَدْ قَضَيْتُهَا إيَّاهُ فَعَلَيْهِ الْأَلْفُ إلَّا عَشَرَةً، وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا دِرْهَمًا قَضَيْتُهُ إيَّاهُ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ غَيْرَ دَانَقٍ مِنْ ثَمَنِ بَقْلٍ قَدْ قَضَيْتُهُ إيَّاهُ فَفِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ إلَّا دَانَقًا وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ دِرْهَمٌ غَيْرَ دَانَقٍ بِالنَّصْبِ يَلْزَمُهُ خَمْسَةُ دَوَانِقَ، وَلَوْ قَالَ غَيْرُ دَانَقٍ بِالرَّفْعِ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ غَيْرَ دِرْهَمَيْنِ بِالنَّصْبِ يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ، وَلَوْ قَالَ غَيْرُ دِرْهَمَيْنِ بِالرَّفْعِ يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ، وَلَوْ قَالَ إلَّا دِرْهَمَانِ يَلْزَمُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا قَلِيلًا فَعَلَيْهِ أَحَدٌ وَخَمْسُونَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ إلَّا شَيْئًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إلَّا بَعْضَهَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إلَّا شَيْئًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
لَوْ قَالَ مَا فِي هَذَا الْكِيسِ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَهِيَ لِفُلَانٍ إلَّا أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَإِنَّهَا لِي إنْ كَانَ فِيهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَزِيَادَةٌ فَالزِّيَادَةُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَالْأَلْفُ لِلْمُقِرِّ قَلَّتْ الزِّيَادَةُ أَوْ كَثُرَتْ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَا غَيْرُ، أَوْ كَانَ فِيهِ أَقَلُّ مِنْ الْأَلْفِ فَالدَّرَاهِمُ كُلُّهَا لِلْمُقَرِّ لَهُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
فِي الْمُنْتَقَى لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ دِينَارٌ إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ إلَّا رَطْلَ زَيْتٍ أَوْ قِرْبَةَ مَاءٍ أَجَزْتُهُ فَيُعْطِي هَذَا دِرْهَمًا إلَّا قِيمَةَ رَطْلِ زَيْتٍ أَوْ قِرْبَةِ مَاءٍ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ أَرْطَالِ زَيْتٍ إلَّا رَطْلَ سَمْنٍ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلًا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ أَرْطَالِ سَمْنٍ إلَّا دِرْهَمًا أَوْ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ إلَّا خَمْسَةَ أَرْطَالٍ مِنْ زَيْتٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ جِيَادٍ إلَّا خَمْسَةً زُيُوفًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ جِيَادٌ وَيَرْجِعُ الْمُقِرُّ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ بِخَمْسَةٍ زُيُوفٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَجِبُ عَلَى الْمُقِرِّ خَمْسَةٌ جِيَادٌ وَيَصِيرُ الْمُسْتَثْنَى عَنْ الْعَشَرَةِ خَمْسَةً جِيَادًا فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا خَمْسَةٌ، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إلَّا خَمْسَةً سَتُّوقَةً يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ جِيَادٌ يَطْرَحُ مِنْهَا قِيمَةَ خَمْسَةٍ سَتُّوقَةٍ فِي قَوْلِهِمْ، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً سَتُّوقَةً كَانَ عَلَيْهِ خَمْسَةٌ سَتُّوقَةٌ وَمَا يَبْقَى بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ يَكُونُ مِنْ السَّتُّوقَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إلَّا غَيْرَ خَمْسَةٍ إلَّا غَيْرَ أَرْبَعَةٍ إلَّا غَيْرَ ثَلَاثَةٍ إلَّا غَيْرَ اثْنَيْنِ إلَّا غَيْرَ وَاحِدٍ يَلْزَمُهُ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إلَّا غَيْرَ أَرْبَعَةٍ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَاهُ يَلْزَمُهُ سِتَّةُ دَرَاهِمَ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إلَّا غَيْرَ اثْنَيْنِ إلَّا غَيْرَ وَاحِدٍ يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، فَإِنْ اسْتَثْنَى بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ فَالِاسْتِثْنَاءُ الْأَوَّلُ نَفْيٌ وَالثَّانِي إيجَابٌ مِثْلُ قَوْلِهِ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً إلَّا ثَمَانِيَةً، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ، وَلَوْ قَالَ عَشَرَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا دِرْهَمًا لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ، وَلَوْ قَالَ عَشَرَةٌ إلَّا سَبْعَةً إلَّا خَمْسَةً إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا دِرْهَمًا، فَإِنَّكَ تَجْعَلُ الْمُسْتَثْنَى الْأَخِيرَ وَهُوَ دِرْهَمٌ مُسْتَثْنًى مِمَّا يَلِيهِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ يَبْقَى دِرْهَمَانِ، ثُمَّ تَسْتَثْنِيهِمَا مِمَّا يَلِيهِمَا وَهُوَ خَمْسَةٌ يَبْقَى ثَلَاثَةٌ، ثُمَّ تَسْتَثْنِي الثَّلَاثَةَ مِمَّا يَلِيهَا وَهُوَ سَبْعَةٌ يَبْقَى أَرْبَعَةٌ، ثُمَّ تَسْتَثْنِي الْأَرْبَعَةَ مِمَّا يَلِيهَا وَهُوَ عَشَرَةٌ يَبْقَى سِتَّةٌ وَهُوَ ثَابِتٌ بِإِقْرَارِهِ، وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ تَأْخُذَ مَا أَقَرَّ بِهِ بِيَمِينِكَ، وَالِاسْتِثْنَاءَ الْأَوَّلَ بِيَسَارِكَ وَالِاسْتِثْنَاءَ الثَّانِيَ بِيَمِينِكَ، وَعَلَى هَذَا إلَى آخِرِ الِاسْتِثْنَاءَاتِ فَمَا اجْتَمَعَ فِي يَسَارِكَ أَسْقِطْهُ مِمَّا فِي يَمِينِكَ فَمَا بَقِيَ فَهُوَ الْمُقَرُّ بِهِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا أَتَى الِاسْتِثْنَاءُ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ وَالثَّانِي مُسْتَغْرَقٌ صَحَّ الْأَوَّلُ وَبَطَل الثَّانِي كَمَا إذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً إلَّا عَشَرَةً يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مُسْتَغْرَقًا دُونَ الثَّانِي كَمَا إذَا قَالَ عَشَرَةٌ إلَّا عَشَرَةً إلَّا أَرْبَعَةً فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ وَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ الْأَوَّلُ؛
لِاسْتِغْرَاقِهِ وَيَبْطُلُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَاطِلٍ.
وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ أَرْبَعَةٌ وَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءَانِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا يَتِمُّ بِآخِرِهِ قَالُوا: وَهَذَا أَقْيَسُ.
وَالثَّالِثُ: يَلْزَمُهُ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْأَوَّلَ بَاطِلٌ وَالثَّانِيَ يَرْجِعُ إلَى أَوَّلِ الْكَلَامِ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الِاسْتِثْنَاءَيْنِ عَطْفٌ، أَمَّا إذَا كَانَ بِأَنْ قَالَ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً وَإِلَّا ثَلَاثَةً، أَوْ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً وَثَلَاثَةً فَهُمَا جَمِيعًا مُسْتَثْنَيَانِ مِنْ الْعَشَرَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمَانِ، فَإِنْ كَانَ الْعَدَدَانِ جَمِيعًا لَوْ جُمِعَا اُسْتُغْرِقَا بِأَنْ قَالَ: إلَّا سَبْعَةً وَثَلَاثَةً قَالَ بَعْضُهُمْ: يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ جَمَعَتْهُمَا فَيَقْتَضِي الِاسْتِغْرَاقَ فَكَأَنَّهُ قَالَ عَشَرَةٌ إلَّا عَشَرَةً، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ صَحَّحَ اسْتِثْنَاءَهُ، فَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا وَدِرْهَمًا وَدِرْهَمًا يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ، وَكَذَا إذَا قَالَ ثَلَاثَةٌ إلَّا دِرْهَمًا وَدِرْهَمًا وَدِرْهَمًا، وَكَذَا إذَا قَالَ ثَلَاثَةٌ إلَّا دِرْهَمًا وَدِرْهَمَيْنِ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ أَيْضًا، وَلَوْ قَالَ: عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً أَوْ سِتَّةً يَلْزَمُهُ أَرْبَعَةٌ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ، وَكَذَا لَوْ كَرَّرَهُ أَلْفَ مَرَّةٍ بِغَيْرِ الْوَاوِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ غَيْرُ دِرْهَمٍ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ كَأَنَّهُ قَالَ دِرْهَمٌ وَغَيْرُهُ مِثْلُهُ، وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ غَيْرُ أَلْفِ دِرْهَمٍ يَلْزَمُهُ أَلْفَانِ.
إذَا قَالَ الرَّجُلُ: هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ إلَّا نَصِيبًا مِنْهَا، فَإِنَّهَا لِفُلَانٍ، فَإِنْ وَصَلَ كَلَامَهُ بِأَنْ قَالَ لِفُلَانٍ تِسْعَةُ أَعْشَارِهَا مَثَلًا وَلِهَذَا عُشْرُهَا فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا قَالَ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ فَلَسْتُ أُجِيزُ قَوْلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِيهَا وَيُقَالُ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِالدَّارِ أَقِرَّ لِصَاحِبِ النَّصِيبِ بِمَا شِئْتَ وَسَمِّ مَا هُوَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ الَّذِي فِي يَدَيَّ وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ إلَّا نِصْفَهُ، فَإِنَّهُ لِفُلَانٍ كَانَ كَمَا قَالَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ هَذَانِ الْعَبْدَانِ لِفُلَانٍ إلَّا هَذَا، فَإِنَّهُ لِفُلَانٍ، وَلَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ لِفُلَانٍ وَهَذَا الْعَبْدُ لِفُلَانٍ الْمُقَرِّ لَهُ الْأَوَّلِ إلَّا الْأَوَّلَ، فَإِنَّهُ لِي لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، وَلَا يُصَدَّقُ وَكَانَا جَمِيعًا لِفُلَانٍ، وَلَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ لِفُلَانٍ إلَّا أَنَّهُ لِفُلَانٍ عِنْدِي وَدِيعَةٌ كَانَ لِلْأَوَّلِ وَيَغْرَمُ لِلثَّانِي قِيمَتَهُ، وَلَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ لِفُلَانٍ وَهَذَا الْعَبْدُ لِفُلَانٍ إلَّا نِصْفَ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ لِفُلَانٍ وَإِلَّا نِصْفَ الْآخَرِ، فَإِنَّهُ لِفُلَانٍ كَانَ جَائِزًا عَلَى مَا قَالَ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالدَّرَاهِمِ وَالْعَرَضِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ لَا بَلْ خَمْسُمِائَةٍ فَعَلَيْهِ أَلْفٌ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ أَبْيَضُ لَا بَلْ أَسْوَدُ فَعَلَيْهِ أَفْضَلُهُمَا، وَكَذَلِكَ الْجَيِّدُ وَالرَّدِيءُ، وَالْأَصْلُ أَنَّ كَلِمَةَ لَا بَلْ إذَا دَخَلَتْ بَيْنَ مِقْدَارَيْنِ، فَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ اثْنَيْنِ لَزِمَهُ الْمَالَانِ جَمِيعًا اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ، وَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ وَاحِدًا إنْ كَانَ الْجِنْسُ مُخْتَلِفًا لَزِمَهُ الْمَالَانِ جَمِيعًا أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ الْجِنْسُ مُتَّحِدًا لَزِمَهُ أَكْثَرُ الْمَالَيْنِ وَأَفْضَلُهُمَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ مَخْتُومٌ مِنْ دَقِيقٍ رَدِيءٍ لَا بَلْ مِنْ حُوَّارَى فَهُوَ حُوَّارَى، وَفِي شَرْحِ الشَّافِي عَنْ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ فِي كِتَابِ الِاخْتِلَافِ إذَا قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَقِيقٌ حُوَّارَى لَا بَلْ خشكار لَزِمَهُ الْحُوَّارَى، وَلَوْ قَالَ: كُرُّ حِنْطَةٍ لَا بَلْ كُرُّ دَقِيقٍ لَزِمَهُ الْكُرَّانِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ رَطْلٌ مِنْ بَنَفْسَجٍ لَا بَلْ مِنْ خَيْرِيِّ لَزِمَاهُ جَمِيعًا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ رَطْلٌ مِنْ سَمْنِ الْغَنَمِ لَا بَلْ مِنْ سَمْنِ الْبَقَرِ فَعَلَيْهِ الرَّطْلَانِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَا بَلْ لِفُلَانٍ لَزِمَهُ الْمَالَانِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الثَّانِي مُكَاتَبًا لِلْأَوَّلِ أَوْ عَبْدًا مَأْذُونًا مَدْيُونًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ مَدْيُونًا لَزِمَهُ أَلْفٌ وَاحِدَةٌ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنُ جَارِيَةٍ بَاعَنِيهَا لَا بَلْ بَاعَنِيهَا فُلَانٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ إلَّا أَنْ يُقِرَّ الثَّانِي أَنَّهَا لِلْأَوَّلِ فَيَكُونَ عَلَيْهِ أَلْفٌ وَاحِدٌ لِلْأَوَّلِ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَلَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ لِفُلَانٍ، ثُمَّ قَالَ لِفُلَانٍ يُقْضَى لِلْأَوَّلِ، فَإِنْ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِلْآخَرِ، وَإِنْ دَفَعَ بِقَضَاءٍ لَا يَضْمَنُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ قَالَ: غَصَبْتُ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ فُلَانٍ لَا بَلْ مِنْ فُلَانٍ فَالْعَبْدُ لِلْأَوَّلِ، وَلِلثَّانِي قِيمَتُهُ سَوَاءٌ دَفَعَهُ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، وَكَذَلِكَ الْوَدِيعَةُ وَالْعَارِيَّةُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ إنْ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَمْ يَضْمَنْ لِلثَّانِي شَيْئًا، وَإِنْ دَفَعَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلثَّانِي، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا قَالَ: هَذِهِ الْأَلْفُ أَوْدَعَنِيهَا فُلَانٌ لَا بَلْ فُلَانٌ وَالْأَوَّلُ غَائِبٌ فَأَخَذَهُ الثَّانِي، ثُمَّ حَضَرَ الْأَوَّلُ، فَإِنْ أَخَذَ مِثْلَهَا مِنْ الْمُقِرِّ لَمْ يَرْجِعْ الْمُقِرُّ بِهَا عَلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ، وَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ رَجَعَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ بِمِثْلِهَا عَلَى الْمُقِرِّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ فِي يَدِهِ أَلْفٌ، فَقَالَ: هِيَ لِفُلَانٍ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: لَا بَلْ لِفُلَانٍ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ، ثُمَّ قَالَ: بَعْدَ ذَلِكَ لَا بَلْ لِفُلَانٍ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الدَّارُ لِفُلَانٍ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: لَهُ وَلِفُلَانٍ، أَوْ لِي وَلِفُلَانٍ فَالدَّارُ كُلُّهَا لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ قَالَ ابْتِدَاءً إنَّهَا لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ فَوَصَلَ الْمَنْطِقَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ بِقَبْضِ شَيْءٍ مِنْ مِلْكِ إنْسَانٍ، وَالِاسْتِثْنَاءِ بِالْإِقْرَارِ.
ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ عَبْدٌ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ مُضَارَبَةٌ لِفُلَانٍ عِنْدِي، ثُمَّ قَالَ دَفَعَ إلَيَّ خَمْسَمِائَةٍ فَاشْتَرَيْتُ بِهَا هَذَا الْعَبْدَ، وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ بَلْ دَفَعْتُ إلَيْكَ هَذَا الْعَبْدَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ، وَالْعَبْدُ لَهُ، وَكَذَلِكَ الْعَقَارُ وَالْعُرُوضُ وَمَا يُكَالُ وَيُوزَنُ وَغَيْرُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُ فُلَانًا مِائَةَ دِرْهَمٍ وَمِائَةَ دِينَارٍ وَكُرَّ حِنْطَةٍ لَا بَلْ فُلَانًا لَزِمَهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كُلُّهُ، وَلَوْ كَانَتْ بِعَيْنِهَا فَهِيَ لِلْأَوَّلِ وَمِثْلُهَا لِلثَّانِي، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُ فُلَانًا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَفُلَانًا مِائَةَ دِينَارٍ وَفُلَانًا كُرَّ حِنْطَةٍ لَا بَلْ فُلَانًا، فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لِلرَّابِعِ مَا أَقَرَّ بِهِ لِلثَّالِثِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ عَلَى رَجُلٍ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ بِيضٍ وَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ سُودٍ، فَقَالَ رَبُّ الدَّيْنِ: اقْتَضَيْتُ مِنْكَ دِرْهَمًا أَسْوَدَ لَا بَلْ أَبْيَضَ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ، فَقَالَ الْمَدْيُونُ قَدْ اقْتَضَاهُمَا مِنِّي لَزِمَهُ اقْتِضَاءُ دِرْهَمٍ أَبْيَضَ، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَعَشَرَةَ دَنَانِيرَ، فَقَالَ رَبُّ الدَّيْنِ: اقْتَضَيْتُ مِنْكَ دِينَارًا لَا بَلْ دِرْهَمًا، وَقَالَ الْمَدْيُونُ لَا بَلْ اقْتَضَيْتَ دِرْهَمًا وَدِينَارًا لَزِمَهُ اقْتِضَاؤُهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ فِي صَكٍّ وَمِائَةٌ فِي صَكٍّ آخَرَ، فَقَالَ اقْتَضَيْتُ مِنْكَ عَشَرَةً مِنْ هَذَا الصَّكِّ لَا بَلْ مِنْ هَذَا الصَّكِّ فَهِيَ عَشَرَةٌ وَاحِدَةٌ يَجْعَلُهَا مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ الَّذِي قَضَاهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ، وَعَلَى رَجُلٍ آخَرَ مِائَةُ دِرْهَمٍ أُخْرَى وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ وَكُلُّ مَالٍ فِي صَكٍّ عَلَى حِدَةٍ أَوْ كَانَا فِي صَكٍّ وَاحِدٍ، فَقَالَ رَبُّ الدَّيْنِ: قَبَضْتُ مِنْ هَذَا عَشَرَةً لَا بَلْ مِنْ هَذَا يَلْزَمُهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَشَرَةٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ رَبُّ الدَّيْنِ قَبَضْتُ عَشَرَةً مِنْ هَذَا الْكَفِيلِ لَا بَلْ مِنْ هَذَا الْكَفِيلِ لَزِمَاهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَقَالَ الطَّالِبُ دَفَعْتَ إلَيَّ مِنْهَا مِائَةَ دِرْهَمٍ بِيَدِكَ، ثُمَّ قَالَ لَا بَلْ أَرْسَلْتَ إلَيَّ بِهَا مَعَ فُلَانٍ غُلَامِكَ، فَإِنَّهَا مِائَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْهَا، وَلَوْ كَانَ بِهَا كَفِيلٌ، فَقَالَ قَدْ قَبَضْتُ مِنْكَ مِائَةً لَا بَلْ مِنْ كَفِيلِكَ لَزِمَهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةُ دِرْهَمٍ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَحْلِفَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمَا يَمِينٌ، كَذَا فِي الْحَاوِي.
قَالَ قَبَضْتُ مِنْكَ مِائَةً، فَقَالَ الْمَطْلُوبُ وَعَشَرَةً أَرْسَلْتُ بِهَا إلَيْكَ وَثَوْبًا بِعْتُكَ بِعَشَرَةٍ، فَقَالَ الطَّالِبُ صَدَقْتَ، وَقَدْ دَخَلَ هَذَا فِي هَذِهِ الْمِائَةِ كَانَ الْقَوْلُ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَقِيلَ: لَوْ كَانَ قَالَ الْمَطْلُوبُ عَشَرَةٌ بِغَيْرِ وَاوٍ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْمِائَةُ، أَمَّا مَعَ الْوَاوِ فَيَلْزَمُهُ الْمَعْطُوفُ مَعَ الْمِائَةِ، وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مِائَةٌ فِي الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ مَتَاعًا، فَقَالَ الْبَائِعُ قَبَضْتُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَاصَصْتُ بِهَا لَمْ يُصَدَّقْ، وَلَوْ قَالَ قَدْ اسْتَوْفَيْتُ مِنْكَ الثَّمَنَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ قَاصَصْتُكَ بِهِ صُدِّقَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ قَدْ بَرِئْتَ إلَيَّ مِنْهَا، وَلَوْ قَدَّمَ ذِكْرَ الْقِصَاصِ، فَقَالَ قَدْ قَاصَصْتُكَ بِالدَّيْنِ الَّذِي كَانَ لَكَ عَلَيَّ ثَمَنَ مَا اشْتَرَيْتَهُ مِنِّي، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَقَدْ قَبَضْتُ مِنْكَ صُدِّقَ فِي ذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ: قَبَضْتُ مِنْكَ الثَّمَنَ لَا بَلْ قَاصَصْتُكَ بِأَلْفٍ كَانَتْ لَكَ عَلَيَّ لَمْ يُصَدَّقْ، وَلَوْ قَالَ: اسْتَوْفَيْتُ مِنْكَ الثَّمَنَ لَا بَلْ قَاصَصْتُكَ بِهِ مِنْ دَيْنٍ كَانَ لَكَ عَلَيَّ صُدِّقَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.